للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به عوفًا، عن أبي هريرة رضي الله عنه، إما مجتمعين وإما متفرقين. فأما ابن سيرين فسماعه من أبي هريرة صحيح، وأما الحسن فمختلف في سماعه منه، والأكثرون على نفيه، وهو من ذلك كثير الإرسال. فلا تحمل عنعنته على السماع، وعلى هذا فالاعتماد على ابن سيرين، وقد أورده البخاري كما سمع.

ولعل الحافظ أورد رواية البخاري لاشتمالها على فوائد ليست في الرواية الأولى، وذكر رواية مسلم ليعرف الجمع بينها وبين غيرها، كما سيتبين إن شاء الله تعالى.

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (من شهد الجنازة) أي: من حضر الجنازة، وهي بفتح الجيم: الميت.

قوله: (حتى يصلى عليها) يصلى: بفتح اللام، وهي رواية الأكثر، كما ذكر الحافظ، وبكسرها في بعض الروايات، ويؤيد رواية الكسر رواية البخاري في الباب المذكور، فإنها بلفظ: " حتى يصلي"، وأما لفظ البلوغ فهو عند مسلم.

و (حتى) للغاية، والمعنى: امتداد شهوده إياها إلى الفراغ من الصلاة عليها.

قوله: (فله قيراط) بكسر القاف: معيار في الوزن وفي القياس، يختلف وزنه بحسب الأمكنة. والمراد هنا: مقدار عظيم من الأجر مثل الجبل، وفي رواية البخاري المذكورة: " كل قيراط مثل أحد"، وعند مسلم: " أحدهما مثل أحد".

قوله: (ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان) المراد بذلك: تمام القيراطين، لا أنه يحصل بالصلاة مع حضور الدفن ثلاثة قراريط، والدليل على أن المراد تمام القيراطين رواية البخاري المذكورة: " وكان معه حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين"، وعند مسلم: " من خرج مع جنازة من بيتها، وصلى عليها، ثم اتبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر … "، فتكون الأحاديث المطلقة والمحتملة محمولة على الرواية الصريحة (١).


(١) "شرح النووي على صحيح البخاري" ص (٢٣٧)، "فتح الباري" (٣/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>