للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعية والحنابلة وابن حبيب من المالكية (١). واستدلوا بما فهمته أم عطية رضي الله عنها في قولها: (ولم يعزم علينا) فكأنها قالت: كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم.

والقول الثاني: أنه نهي تحريم، وهذا قول الحنفية (٢)، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن الأصل في النهي هو التحريم، ولا صارف له.

وأما قولها: (ولم يعزم علينا) فهذا شيء فهمته إما لأنه لم يرد فيه وعيد، أو لكونه لم يشدد عليهن فيه، أو نحو ذلك، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما قول أم عطية: (ولم يعزم علينا) فقد يكون مرادها لم يؤكد النهي، وهذا لا يقتضي التحريم. وقد تكون هي ظنت أنه ليس بنهي تحريم، والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في ظن غيره) (٣)، فالقول بالتحريم قوي جدًا، لأمرين:

الأمر الأول: أن خروجهن يؤدي إلى الفتنة والهلع والحزن بما يشاهدن من الجنازة حال حملها ودفنها والانصراف عنها.

الأمر الثاني: ما يترتب على ذلك من مخالطة الرجال ومزاحمتهم، فإن هذا أمر واقع ولابد، إما في الطريق أو في المقبرة لضيق المكان، ولا ريب أن مخالطة النساء الرجال منكر عظيم، وكل ما كان وسيلة إليه فهو محرم، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) "المجموع" (٥/ ٢٧٧ - ٢٧٨)، "المغني" (٣/ ٤٠١)، "المنتقى" للباجي (٢/ ١٨).
(٢) "بداية الصنائع" (١/ ٣١٠)، "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٢٣٢).
(٣) "الفتاوى" (٢٤/ ٣٥٥)، "تهذيب مختصر السنن" (٤/ ٣٥٠)، وانظر: "فتاوى ابن باز" (١٣/ ١٧٨ - ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>