٣ - أنها تزهد في الدنيا؛ لأن الإنسان إذا رأى الموتى وما صاروا إليه بعد جمع الدنيا وحطامها قلت رغبته في الدنيا، فلم يحرص عليها أو ينهمك في الانقطاع إليها؛ لأنه رأى أنها إلى زوال.
• الوجه الرابع: هذه الزيارة المأمور بها هي الزيارة الشرعية التي قصد بها الشارع أمرين:
الأمر الأول: يرجع إلى الزائر، وهو ما نص عليه الحديث من تذكر الآخرة وتذكر الموت والزهد في الدنيا.
الأمر الثاني: يرجع إلى الميت، وهو السلام عليه والدعاء له، كما سيأتي إن شاء الله.
وشرط هذه الزيارة ألا يلزم منها شد رحل، فإن لزم لم يجز ذلك؛ لقول صلى الله عليه وسلم:" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"(١).
ولأن الزيارة الشرعية لا تحتاج إلى شد رحل؛ وإنما يفعل ذلك ضعاف الإيمان أو أهل التوسل الذين يقصدون قبورًا معينة.
أما النوع الثاني: فهي الزيارة البدعية، وهي زيارتها لأجل الصلاة عندها والطواف بها وتقبيلها واستلامها ودعاء أهلها والاستعانة بهم في تفريج الكربات وقضاء الحاجات، وغير ذلك مما هو بدعة أو شرك على حسب الفعل والقصد، وهذا من جنس ما يفعله عباد الأوثان، نسأل الله العافية.
* * *
(١) أخرجه البخاري (١١٩٧)، ومسلم (٤١٥) (٨٢٧)، وسيأتي شرحه في آخر باب "الاعتكاف" -إن شاء الله تعالى- حيث ذكره الحافظ هناك، وأعاده في "الأيمان والنذور".