للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:

قوله: (أهل الديار) بالنصب، منادى حذف منه حرف النداء، والتقدير: يا أهل الديار، والديار جمع دار، وهي محل الإقامة، والمراد: المقابر. وفيه جواز إطلاق الأهل على ساكني المكان من أحياء أو أموات.

قوله: (من المؤمنين والمسلمين) هذا من عطف المغاير؛ لأنه إذا اجتمع وصف الإيمان ووصف الإسلام فسر الإيمان بالأعمال الباطنة من اعتقادات القلوب وأعمالها، والإسلام بالأعمال الظاهرة من أقوال اللسان وأعمال الجوارح، وإذا ذكر الإسلام وحده شمل الدين كله، فيدخل فيه الإيمان، وإذا ذكر الإيمان دخل فيه الإسلام، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} [الحجرات: ١٤]، وقوله تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} [الذاريات: ٣٥ - ٣٦]. وكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنًا، وهذا قول المحققين، كما قال ابن رجب (١).

ولما كانت المقبرة تجمع المسلمين والمؤمنين والدعاء لهما جميعًا ذكر الطائفتين بوصفيهما.

قوله: (وإنا إن شاء الله بكم للاحقون) إنا: مبتدأ، للاحقون، خبره، واللام مؤكدة في خبر (إن) وقوله: " إن شاء الله" معترضة بين اسم إن وخبرها.

وقد اختلف العلماء في وجه هذا الاستثناء، وهو أن الموت أمر محقق، فكيف يعلق بالمشيئة والمحقق لا يعلق بها؟ فقيل: المراد وقت الموت، والمعنى: إذا شاء الله، أي: سنحلق بكم في الوقت الذي يشاء الله أن نلحق، وقيل: المراد الاستثناء: في الوفاة على الإيمان، لقوله: " دار قوم مؤمنين". وقيل: المرد امتثال قول الله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله} [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، وقيل غير ذلك.


(١) انظر: "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>