والترمذي (٦٤٤)، وابن ماجه (١٨١٩) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عتاب بن أسيد رضي الله عنه، قال: … وذكر الحديث.
وهذا سند منقطع كما قال الحافظ، قال أبو داود عقبه:(سعيد لم يسمع من عتاب شيئًا). والحديث مداره على سعيد بن المسيب، عن عتاب، ووجه انقطاعه أن مولد سعيد رضي الله عنه في خلافة عمر رضي الله عنه، وقد تقدم أن عتاب بن أسيد مات سنة ثلاث عشرة، يوم مات أبو بكر رضي الله عنه.
وعزو الحديث إلى الخمسة، ومنهم: أحمد، وهم من الحافظ رحمه الله، فإنه ليس في " المسند"، وليس لعتاب مسند ضمن "مسند الإمام أحمد" المطبوع. وقد رجعت إلى كتاب ابن عساكر "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند" فلم أر مسند عتاب فيه، والله أعلم.
• الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية خرص الثمار، كالنخل والعنب، وذلك إذا بدأ صلاح الثمار، فيأتي الخارص ويقدر ما على النخل من الرطب تمرًا، وما على شجر العنب زبيبًا، فيطوف بالنخل، ويرى جميع ثمرتها، ثم يقول: خرصها كذا وكذا رطبًا، ويجيء كذا وكذا يابسًا، وكذا العنب. فيقدر بذلك من غير وزن ولا كيل، ليعرف مقدار الزكاة فيه، فإذا جفت الثمار أخذت منها الزكاة التي سبقت تقدرها بالخرص. والعمل بالخرص ثابت، وليس هو ظنًا وتخمينًا؛ بل هو اجتهاد في معرفة مقدار الثمار من العارفين الثقات، ويكفي خارص واحد.
وإدراك الثمر بالخرص نوع من المقادير والمعايير، كما يعلم ذلك بالمكاييل والموازين؛ وإن كان بعضها أحصر من بعض. وإن تركوا بلا خرص صح ذلك، لكن الخرص فيه فائدة عظيمة، وهي التوسعة على أهله بحيث يتصرفون، فيبيعون، ويتصدقون، ويهدون؛ لأنهم عرفوا ما فيه من الزكاة؛ لأنه لو منع أرباب الأموال من الانتفاع بثمارهم إلى أن تبلغ غايتها في الصلاح، لأضر ذلك بهم، ولو انبسطت أيديهم فيه لأخل ذلك بحق الفقراء، ولما كانت