للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن الغني ليس من أهل الزكاة، ولكن قد تحل له بطرق شرعية نص عليها هذا الحديث، وهي:

١ - أن يكون من العاملين عليها، وهم الولاة على الزكاة؛ كالساعي، والجابي، والحافظ، والقاسم، ومن معهم من كتبة وحاسبين، فهؤلاء يعطون من الزكاة ولو كانوا أغنياء، لأنهم يعطون للحاجة إليهم لعملهم فيها.

٢ - غني اشترى الزكاة من المتصدق عليهم بماله، فتحل له لأنه اشتراها بماله، فإن كانت زكاة غيره فشراؤه لها جائز اتفاقًا، وأما شراؤه زكاة نفسه، فالجمهور على كراهته.

٣ - الغارم، وأصل الغرم في اللغة: اللزوم. وسمي غارمًا؛ لأن الدين قد لزمه. فالغارم من لحقه الغرم، وهو الضمان والإلزام بالمال، وهو نوعان:

الأول: غارم لإصلاح ذات البين، وذلك بأن يقع بين جماعة عظيمة شر وفتنة، فيتوسط الرجل للإصلاح بينهم، ويلتزم في ذمته مالًا لإطفاء الفتنة، فهذا قد أسدى نفعًا عظيمًا، فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة، لئلا يجحف ذلك بسادات القوم المصلحين، أو يوهن عزائمهم عن تسكين الفتن وكف المفاسد.

الثاني: الغارم لنفسه، وهو من نزلت به مصيبة في المال لا يستطيع احتمالها؛ كوجوب دين عليه في نفقة أو زواج أو علاج أو بناء مسكن، أو أتلف شيئًا لغيره خطأ، أو نزل بماله جائحة، فهذا يعطى وفاء دينه، بشرط أن يكون غير قادر على السداد بنقود أو مرتب أو عروض تجارة؛ وألا يكون مسرفًا بالإنفاق على نفسه.

٤ - الرابع ممن يعطى ولو غنيًا: الغازي في سبيل الله، ومن يقاتل مجاهدًا لإعلاء كلمة الله تعالى، فيعطى من الزكاة ولو كان غنيًا، ويشترى له السلاح وكل ما يقوم به الجهاد دفاعًا أو هجومًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>