للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«المسند»، فعزوه للخمسة وهْمٌ من الحافظ رحمه الله، وقد عزاه ابن عبد الهادي في «المحرر» (١) لأصحاب «السنن»، وقد أُعلَّ هذا الحديث بما لا يقدح، وهو الانقطاع في بعض رواياته (٢)، وقد أشار إلى هذا الإعلال ابن عبد الهادي، وقال الحافظ ابن حجر: (وللحديث علة خفية، ذكر الترمذي في «العلل» أن بعض الرواة قال فيه: عن ابن إسحاق، قال: حُدثت عن صلة) (٣).

لكن ما دلَّ عليه هذا الحديث من النهي عن صيام يوم الشك قد جاء عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه في النهي عن تقدم رمضان.

الوجه الثاني: الحديث دليل على تحريم صيام يوم الشك؛ لأن صيامه معصية للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا الحديث له حكم الرفع؛ فإن عماراً رضي الله عنه لن يحكم بهذا الحكم إلا وعنده علم من النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم هو مؤيد بأحاديث النهي عن استقبال رمضان بالصوم، وأحاديث الأمر بالصوم لرؤيته.

والمراد بيوم الشك - على قول الجمهور ـ: يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر، أو غيرهما، فهذا لا يصام؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (٤).

وهذا نص صريح في أن يوم الثلاثين لا يصام؛ ولأن الأصل بقاء شعبان فلا تكون تلك الليلة من رمضان إلا بيقين، ومن فرَّق بين الغيم والصحو فقال: يصام إذا حال دونه غيم احتياطاً، ولا يصام إذا كان صحواً، وهذا هو يوم الشك فليس بصحيح، وهذا مذهب الحنابلة، وهو المنصوص عليه في كثير من متونهم، ودليلهم فعل ابن عمر رضي الله عنهما، كما سيأتي - إن شاء الله ـ.


(١) رقم (٦٤٩).
(٢) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٤/ ١٥٩)، "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٣٢٣).
(٣) "تغليق التعليق" (٤/ ١٤١).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>