للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن وقت الصائم لأَنفسُ وأغلى من أن ينفق في هذه المهلكات، التي تؤثر على ثواب الصيام أو تذهب حقيقته وتلغي آثاره التربوية والخلقية؛ لأن قوله: «فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» يشعر بأنه يخشى على من ارتكب شيئاً من ذلك وهو صائم ألا يُقبل منه صيامه، وفي هذا دليل على أن الصيام ليس مجرد الامتناع عن المفطرات الحسية؛ بل لا بدّ فيه من صيام الجوارح عما حرم الله تعالى، والتحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، ليؤدي الصوم دوره في تربية النفس وتهذيب الأخلاق، وأولى الناس بذلك من لهم علاقة بالآخرين؛ كالقاضي، والمعلم، والطالب، والموظف، ونحوهم.

وقول الزور: كل قول مائل عن الحق إلى الباطل، فيدخل فيه كل كلام محرم من الكذب، والسبِّ، والشتم، والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور.

والعمل بالزور: هو العمل بكل فعل محرم فيه عدوان على الناس من الظلم، والخيانة، والغش، وأخذ المال، وإيذاء الناس، ونحو ذلك، كما يدخل فيه الاستماع أو النظر إلى ما حرم الله تعالى من الأغاني وآلات اللهو والطرب.

والجهل: هو السَّفَهُ، وهو مجانبة الرشد في القول والعمل.

إن الصيام مدرسة تربوية تعلِّم الحِلْم والصبر والصدق، وتحث على مكارم الأخلاق وفضائل الأقوال والأعمال، والصيام الشرعي صيام الجوارح عن الآثام، والبطن عن الطعام والشراب، والفرج عن الرَّفَث ومباشرة النساء، فإذا تمَّ ذلك أدَّى الصوم ثمراته وفوائده، وترتب عليه المغفرة الموعود بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>