للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرج عبد الرزاق بسنده عن مسروق قال: سألت عائشة ما يَحِلُّ للرجل من امرأته صائماً؟ قالت: (كل شيء إلا الجماع) (١).

الوجه الثالث: دل قولها رضي الله عنها: (وكان أملككم لإربه) على أن الصائم إذا خشي من المباشرة تَحَرُّكَ شهوته، أو تَدَرُّجَهُ إلى الجماع أنه يجب عليه ترك التقبيل والمباشرة، سدًّا للذريعة؛ ولأن حفظ الصيام من الإفساد واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والأَرَبُ: بفتح الهمزة والراء، هو الشهوة وحاجة النفس.

والإِرْبُ: بكسر الهمزة وسكون الراء، هو العضو وهو الذكر، وقد يطلق على حاجة النفس أيضاً (٢).

فالضابط في الجواز هو أن يملك الصائم أربه، ويقدر على ضبط نفسه، فإن خاف من الوقوع في المحذور لم يجز له أن يقبّل ولا أن يباشر.

فإن قبّل الصائم أو باشر فأنزل فسد صومه، قال ابن قدامة: (بغير خلاف نعلمه) (٣)، وهذا فيه نظر، فقد ذهب ابن حزم إلى أنه لا يفطر بالقبلة والمباشرة ولو أنزل، وقوَّى ذلك (٤)، وجاء عن جماعة من الصحابة والتابعين جواز المباشرة للصائم (٥)، وكذا لو استمنى فأنزل فسد صومه، لأنه في معنى القبلة في إثارة الشهوة، وذهب ابن حزم إلى أنه لا يفسد صومه، مستدلاً بأنه لم يأت نص بأنه ينقض الصوم (٦)، فإن قبَّل أو باشر فخرج منه مذي لم يفسد صومه في أصح قولي العلماء؛ لأنه خارج أشبه البول، والله تعالى أعلم.


(١) "المصنف" (٤/ ١٩٠)، قال في "فتح الباري" (٤/ ١٤٩): (إسناده صحيح).
(٢) ذكره الخطابي في "إصلاح غلط المحدثين" ص (٢٤).
(٣) "المغني" (٤/ ٣٦١).
(٤) "المحلى" (٦/ ٢٠٥)، "فتح الباري" (٤/ ١٥١).
(٥) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٦٣).
(٦) "المحلى" (٦/ ٢٠٥)، "المغني" (٤/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>