للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحكمة من الحث على صيامه مع ما فيه من الأجر، هي تعظيم هذا اليوم، وشكر الله تعالى على نجاة موسى عليه السلام وبني إسرائيل، وإغراق فرعون وقومه؛ ولهذا صامه موسى عليه السلام شكراً لله تعالى، وصامته اليهود، وأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم أحق بأن تقتدي بموسى من اليهود.

ويستحب صيام التاسع مع العاشر، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما صام عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وفي رواية: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِل لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» (١).

وقد صح عن ابن عباس موقوفاً: (صوموا التاسع والعاشر خالفوا اليهود) (٢)، وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس، أما ما ورد عنه مرفوعاً بلفظ: (صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً) فهذا حديث ضعيف (٣)، وكذا ما جاء بلفظ: (صوموا قبله يوماً وبعده يوماً).


(١) أخرجه مسلم (١١٣٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٢٨٧)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٧٨)، والبيهقي (٤/ ٢٧٨) عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وإسناده صحيح.
(٣) أخرحه أحمد (٤/ ٥٢)، وابن خزيمة (٣/ ٢٩٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٧٨)، والبيهقي (٤/ ٢٨٧) من طرق، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده ابن عباس، به مرفوعًا، وهذا إسناد ضعيف، ولا يصح رفعه، لما يلي:
١ - محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، سيء الحفظ جدًا، كما قال الحافظ في "التقريب".
٢ - داود بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي، ذكره ابن حبان في "الثقات" (٦/ ٢٨١) وقال: (يخطئ)، وقال الحافظ في "التقريب": (مقبول) أي: عند المتابعة وإلا فليِّن الحديث، وليس له في الكتب الستة إلا حديث واحد عند الترمذي (٣٤١٩)، ولعل الحافظ الذهبي لخص القول فيه، كما في "سير أعلام النبلاء" (٥/ ٤٤٤) حيث قال: (ما هو بحجة، ولم يُقَحِّم أولو النقد على تليين هذا الضرب لدولتهم).
٣ - علة الرفع، فقد تقدم أن الموقوف جاء من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وهم أوثق وأحفظ من رجال طريق الرفع، ولعل كلمة ابن حبان في =

<<  <  ج: ص:  >  >>