للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإلا فهي زيادة معلومة من الشرع؛ لأن رمضان ليس فيه إذن لأحد؛ ولأن الصيام واجب عليه هو إلا من عذر؛ كسفر، أو مرض، ونحو ذلك.

الوجه الثاني: الحديث دليل على أنه لا يحل للمرأة أن تصوم تطوعاً وزوجها حاضر إلا بإذنه وموافقته؛ لأن حق الزوج واجب على زوجته، ومن حقوقه الاستمتاع بها، والصوم قد يمنعه من ذلك، وصيام غير الفرض مستحب، والقيام بالواجب مقدم على القيام بالمستحب.

ويدخل في ذلك صيام الاثنين والخميس، والست من شوال، وغير ذلك، مما يستحب صيامه، على ما قيل في أحاديثها، كما تقدم.

والإذن من الزوج لا يشترط فيه التصريح؛ بل إذا علمت من قرائن الحال ما يدل على الرضا بذلك كفى؛ لأن الإذن العرفي كالإذن اللفظي.

فإذا صامت بلا إذنه صح صيامها وأثمت، لاختلاف الجهة؛ فإن طلب منها أن تفطر وجب عليها ذلك، فإن أبت فهي عاصية.

فإن كان غائباً جاز لها أن تصوم، ولا تحتاج إلى إذنه، لمفهوم قوله: «وزوجها شاهد»، ولأن صيامها في حال غيبته لا يضيع عليه حقًّا من حقوقه.

أما الصوم الواجب؛ كرمضان أداءً أو قضاءً، فلا يحتاج إلى إذن الزوج، فتصومه ولو كره ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

لكن إن كان حاضراً وقد هجرها ولا يستمتع بها، كما يقع من بعض الأزواج، أو عنده زوجة أخرى استغنى بها ولا يقيم لهذه وزناً ولا يلتفت إليها، فالأظهر أنها لا تستأذنه نظراً إلى المعنى؛ فإن العلة التي من أجلها منعت من صوم التطوع وهي مراعاة حقوقه، ومنها حق الاستمتاع، مفقودة هنا، وهذا اختيار الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>