للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث)، وقال ابن المديني: (وسط)، وقال الذهبي في «الكاشف»: (ثقة)، وفي «الميزان»: (ما علمت به بأساً)، وقال الحافظ: (مقبول).

وقد صحح لهما ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقد نقل الحافظ تصحيح ابن حبان لهذا الحديث، ولم يعقّب عليه بشيء (١)، والذي يظهر أن الحديث معلول، وذلك لتفرد عبد الله بن محمد بن عمر به، وهو من لا يقبل تفرده؛ لما تقدم. ولم يتابع عليه، كما قال العقيلي.

الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث من قال بجواز صيام يوم السبت ويوم الأحد؛ بل ظاهره يدل على الاستحباب؛ لأن صيامهما مخالفة لليهود والنصارى؛ لأن السبت عيد اليهود، والأحد عيد النصارى، فأحب النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يخالفهم، فيصوم هذين اليومين؛ لأن العيد في شرعنا لا يشرع صيامه، كما تقدم، ففي صيامهما مخالفة للمشركين، قالوا: وهذا الحديث يدل على نكارة حديث الصماء - المتقدم ـ، وأم سلمة أدرى بأحوال النبي صلّى الله عليه وسلّم من الصماء.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن مخالفة الأمم الكافرة القديمة والمعاصرة أمر مقصود شرعاً، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث: «وأنا أريد أن أخالفهم»، والتشبه بهم في عباداتهم أو عاداتهم لا بدّ أن يورث عند المسلم نوع مودة لهم، أو هو على الأقل مظنة المودة، وموضوع التشبه من أخطر القضايا في حياة المسلمين، ولا سيما في زماننا هذا، حيث اتسعت علاقة المسلمين بغيرهم، وحصل من اختلاط البلدان وتقاربها ما لم يكن موجوداً من قبل، ومن هنا يتعين على كل مسلم أن يحصر مصدر التلقي في المنهج الرباني في عقيدته وعبادته وسلوكه وأخلاقه، ويعلم يقيناً أن الأفكار والمناهج الأخرى غير صالحة للتلقي منها واتباعها، وكفى بأهلها وأتباعها الضالين دلالة على فسادها، وبهذا تبقى الأمة المسلمة أمة متميزة لها شخصيتها ولها كيانها، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من تشبه بقوم فهو منهم» (٢). والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٤/ ٢٣٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٠٣١)، وأحمد (٩/ ١٢٣)، وابن أبي شيبة (١٢/ ٣٥١) وغيرهم،=

<<  <  ج: ص:  >  >>