للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا هو الراجح لأمرين:

الأول: أن من مقاصد الاعتكاف التماس ليلة القدر، وهي ترجى في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين.

الثاني: أن من دخل قبل الغروب صدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر بكاملها، أما إذا دخل بعد صلاة الفجر لم يصدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر كلها.

وأما حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في الباب فمعناه: انقطع في معتكفه بعد صلاة الفجر للانفراد عن الناس بعد الاجتماع بهم في الصلاة، وكان قبل ذلك معتكفاً لابثاً في جملة المسجد، لا أن معناه أنه ابتدأ الاعتكاف بعد صلاة الفجر؛ إذ لو كان هذا هو المراد لما ذكرت معتكفه، وإنما تذكر المسجد؛ لأنه إذا دخل المسجد بدأ الاعتكاف بدخوله؛ لأن الاعتكاف يبدأ من دخول المسجد ونية الاعتكاف قبل صلاة الفجر.

وأما وقت خروج المعتكف فاستحب كثير من أهل العلم أن يكون عند خروجه لصلاة العيد، لكي يصل عبادة بعبادة.

والقول الثاني: أنه يخرج إذا غربت الشمس ليلة العيد؛ لأن العشر الأواخر تنتهي بانتهاء الشهر، والشهر ينتهي بغروب الشمس من ليلة العيد (١)، وهذا هو الأظهر؛ لقوة مأخذه، والله أعلم.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يجوز للمعتكف أن يخصص له مكاناً في المسجد يخلو به، سواء كان خباءً أو غيره، وشرط الفقهاء ألا يضيِّق بذلك على المصلين، وبشرط الصيانة والنظافة، وغالب المساجد اليوم فيها غرف صالحة للإقامة فيها، فتقوم مقام الخيمة، وقد تقدم ذلك في «باب المساجد».


(١) انظر: "الاستذكار" (١٠/ ٢٩٥)، و"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (٢٠/ ١٧٠)، و"فقه الاعتكاف" ص (٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>