للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن النظافة مطلب شرعي ولو كان الإنسان معتكفاً، لعموم قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١].

الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز خروج المعتكف للحاجة، وقد ورد عند مسلم: (إلا لحاجة الإنسان)، وفسَّرها الزهري بالبول والغائط، وقد نقل ابن المنذر وابن هبيرة وغيرهما الإجماع على جواز ذلك (١).

ويلحق بهما كل ما يحتاجه المعتكف، ومن ذلك خروجه لإحضار طعام أو شراب أو ملابس، أو نحو ذلك مما يشق عليه تركه ولم يكن عنده من يقوم بإحضاره، كما خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من معتكفه مع صفية ليردها إلى بيتها تأنيساً لها، حيث لم يكن بيتها لاصقاً بالمسجد، والحديث في «الصحيحين» (٢). ومثل ذلك الخروج لصلاة الجمعة، كما سيأتي إن شاء الله.

وقد قسم الفقهاء خروج المعتكف إلى ثلاثة أقسام:

١ - خروج ينافي الاعتكاف، كما لو خرج لبيع أو شراء أو جماع، أو نحو ذلك، فهذا لا يجوز، ويُبطل الاعتكاف، سواء اشترطه أم لا.

٢ - خروج لأمر لا بدّ له منه شرعاً، أو طبعاً، كما تقدم، فهذا يجوز ولو لم يشترطه؛ لأنه وإن لم يشترطه في اللفظ فهو مشترط في العادة.

٣ - خروج لأمر له منه بد، مثل: الخروج لتشييع جنازة، أو عيادة مريض، أو زيارة قريب، وما أشبه ذلك من الطاعات وهذا قول الحنابلة (٣). فهذا إن اشترطه جاز وإلا فلا، وسيأتي الكلام على موضوع الاشتراط - إن شاء الله - والله تعالى أعلم.


(١) "الإجماع" (٥٤)، و"الإفصاح" (١/ ٢٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٣٥)، ومسلم (٢١٧٥).
(٣) "فتاوى ابن عثيمين" (٢٠/ ١٥٧ - ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>