للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على معاوية، وهو أصح عند الإمام أحمد والدارقطني) (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين؛ لأنه سيق مساق الجزم والحتم، وهذا قاله معاوية رضي الله عنه حسب اجتهاده. وقد ورد عن أُبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (والله إني لأعلم أيُّ ليلة هي؟ هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين) (٢).

وقد اختلف في تعيين هذه الليلة، فذكر الحافظ ستة وأربعين قولاً، وأكثرها أقوال لا دليل عليها، ويمكن جعلها ثلاثة أقسام:

١ - أقوال باطلة؛ كالقول بأنها رفعت أصلاً، أو القول بأنها في كل السنة، أو القول بأنها ليلة النصف من شعبان.

٢ - أقوال ضعيفة؛ كالقول بأنها في أول رمضان، أو ليلة النصف من رمضان.

٣ - أقوال راجحة وهي الأقوال المتعلقة بكونها في العشر الأواخر من رمضان.

وأظهر الأقوال أنها في العشر الأواخر، وأوتارها آكد، وليلة سبع وعشرين آكد من غيرها، وكان أُبي بن كعب رضي الله عنه يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، كما تقدم.

وذهب أبو قلابة وطائفة إلى أنها تنتقل في ليالي العشر، وروى عبد الرزاق بسنده عن أبي قلابة أنها تنتقل في وتر (٣)، وقد نسب النووي هذا إلى المحققين، وقال: «هذا أظهر، وفيه جمع بين الأحاديث المختلفة» (٤).

والحكمة في إخفاء هذه الليلة: أن يجتهد الناس في طلبها رجاءَ إصابتها، ويتبين بذلك من كان جادًّا في طلبها، حريصاً على إحيائها، ممن


(١) "لطائف المعارف" ص (٢٣٥).
(٢) أخرجه مسلم (٧٦٢).
(٣) "المصنف" (٤/ ٢٥٢)، "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٧٦)، "الاستذكار" (١٠/ ٣٣٨)، "اللطائف" ص (٢٣٤).
(٤) "شرح النووي" (٥/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>