للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الخبر عند ابن أبي شيبة قال: أنبأنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احفظوا عني، ولا تقولوا: قال ابن عباس … فذكره (١). وإسناده صحيح، وظاهر هذا - كما قال الحافظ ـ: (أنه أراد أنه مرفوع، فلذا نهاهم عن نسبته إليه) (٢).

فهذا يؤيد رواية الرفع، وأبو معاوية من أثبت الناس في الأعمش، كما تقدم، ولا بد أن ينظر إن كان هناك اختلاف على أبي معاوية في اللفظ، فيرجح ما رواه الحفاظ عنه.

الوجه الثاني: الحديث دليل على صحة حج الصبي الذي لم يبلغ، ولكن لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام، فإذا بلغ الحنث - وهو الوقت الذي يكلف فيه، ويكتب عليه إثم ذنبه - فعليه أن يؤدي فريضة الحج إذا كان مستطيعاً، وتقدم ذلك. لكن لو بلغ في أثناء الحج بالاحتلام - مثلاً - فإن كان قبل الإحرام، فلا خلاف بين العلماء في وقوع حجته هذه عن حجة الإسلام.

وإن كان بعد إحرامه فإن كان قبل الوقوف بعرفة أجزأت حجته تلك عن حجة الإسلام على الراجح من أقوال أهل العلم؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الحج عرفة» (٣)، وكذا لو بلغ ليلة مزدلفة وأمكنه الرجوع إلى عرفة فوقف بها بالغاً صحت فريضته على الراجح من أقوال أهل العلم، وإن كان بلوغه بعد فوات وقت الوقوف لم يجزئه عن الفريضة (٤).

الوجه الثالث: الحديث دليل على صحة حج الرقيق قبل عتقه، ولكن لا يجزئه ذلك عن حجة الإسلام، فإذا عتق فعليه أن يؤدي فريضة الحج إذا كان مستطيعاً، والله تعالى أعلم.


(١) ص (٤٠٥) الجزء المفرد.
(٢) "التلخيص" (٢/ ٣٣٤).
(٣) أخرجه أبو داود (١٩٤٩)، والترمذي (٨٨٩) (٢٩٧٥)، والنسائي (٥/ ٢٥٦)، وابن ماجه (٣٠١٥)، وأحمد (٣١/ ٦٤) من طريق سفيان، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، مرفوعًا. وقال الترمذي: (حسن صحيح)، قال سفيان بن عيينة: (هذا أجود حديث رواه سفيان الثوري) وقال وكيع: (هذا الحديث أُمُّ المناسك) ذكر هذا الترمذي في "جامعه".
(٤) انظر: "المغني" (٥/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>