للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على واجب، والجمهور على جوازه، على القول بسنيتهما، أو أن المضمضة والاستنشاق من الوجه.

وأما قولهم: إن الله تعالى أمر بغسل الأعضاء وعطف بعضها على بعض بالواو فهذا صحيح، لكن بين النبي صلّى الله عليه وسلّم بفعله أن الواو في الآية للترتيب، لا لمطلق الجمع، وفعله صلّى الله عليه وسلّم تفسير لما في كتاب الله تعالى، ويكون محمولاً على الوجوب؛ لأن أفعال النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا كانت بياناً لواجب فهي واجبة، ويؤيد ذلك عموم «ابدؤوا بما بدأ الله به» كما تقدم، أما بالنسبة للمضمضة والاستنشاق ففي تقديمها على غسل الوجه قولان:

الأول: أنه يستحب البداءة بهما قبل غسل الوجه، وهذا هو الصحيح من المذهب عند الحنابلة، قالوا: لأن وجوبهما إنما ثبت بالسنة، والترتيب إنما وجب بدلالة القرآن معتضداً بالسنة، ولم يوجد ذلك فيهما.

القول الثاني: أنه يجب البداءة بهما قبل الوجه، وهذا قول في مذهب الحنابلة (١)، وذكر النووي أن الترتيب بينهما وبين أعضاء الوضوء شرط (٢).

واستدلوا بأن كل من وصف وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم كما في الأحاديث الصحيحة ذكر أنه بدأ بالمضمضة والاستنشاق، وقد رتب الرواة أعضاء الوضوء بـ (ثم) في معرض البيان، وهي للترتيب، والله أعلم.


(١) "المغني" (١/ ١٧١)، "الإنصاف" (١/ ١٣١).
(٢) "المجموع" (٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>