للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رواه عن عبد الله بن أبي بكر: مالك، وسفيان بن عيينة. وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح)، وصححه ابن حبان.

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية رفع الصوت بالتلبية، والجمهور على أن الأمر في الحديث للاستحباب، وجعلوا القرينة الصارفة عن الوجوب هي المشقة، فإنه يشق على كل حاج أو معتمر أن يرفع صوته بالتلبية.

وقالت الظاهرية بوجوب ذلك، أخذاً بظاهر الأمر. قال ابن حزم: (ويرفع الرجل والمرأة صوتهما بها ولا بد، وهو فرض ولو مرة) (١).

الوجه الرابع: دلَّ قوله: «أن آمر أصحابي» على أن رفع الصوت بالتلبية مختص بالرجال دون النساء، فالمرأة يسن لها خفض صوتها بالتلبية، وهذا مذهب الجمهور من أهل العلم؛ بل حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر وابن عبد البر (٢).

وذهب ابن حزم إلى أنه يجب على المرأة رفع صوتها بالتلبية ولو مرة واحدة - كما تقدم ـ، مستدلاًّ بما رواه ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: خرج معاوية ليلة النفر، فسمع صوت تلبية، فقال: من هذا؟ قالوا: عائشة اعتمرت من التنعيم، فذُكِرَ ذلك لعائشة، فقالت: (لو سألني لأخبرته) (٣).

وقول الجمهور أرجح؛ لأن نصوص الشريعة دلت على أن المرأة لا ترفع صوتها بحضرة الأجانب في العبادة: كالصلاة، وقراءة القرآن؛ لأن صوتها فتنة، وقد جاء في «الصحيحين» من حديث سهل بن سعد وغيره: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء».

ثم إن في رفع المرأة صوتها بالتلبية مفسدة أعظم من الأجر الحاصل


(١) "المحلى" (٧/ ٩٣).
(٢) "التمهيد" (١٧/ ٢٤٢).
(٣) "المصنف" ص (٣٦٨) [الجزء المفرد] وسنده صحيح؛ بل قال بدر الدين العيني: (سند كالشمس) ["عمدة القاري" (٧/ ٤٤٤)].

<<  <  ج: ص:  >  >>