فقد أخرجه الشافعي (١/ ٣٢٢ - ٣٢٣ ترتيب مسنده) قال: أخبرني إبراهيم بن محمد، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، به.
وهذا إسناد ضعيف - كما قال الحافظ ـ؛ لأن مدار الحديث على صالح بن محمد بن زائدة المدني، قال البخاري:(منكر الحديث)، وقال أبو داود والنسائي:(ليس بالقوي). وقال الدارقطني:(ضعيف)، وضعفه ابن حبان. وقال أحمد:(ما أرى به بأساً)(١).
وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي، كان كذاباً - كما تقدم الكلام عليه ـ، إلا أنه تابعه عبد الله بن عبد الله الأموي، عن صالح بن زائدة، به. أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٣٨)، والبيهقي (٥/ ٤٦).
الوجه الثالث: دل الحديث على فضل الدعاء بعد كل تلبية بسؤال الله تعالى رضوانه وجنته، والاستعاذة برحمته من النار، ولكن لا يثبت هذا الفضل لضعف الحديث، كما تقدم.
فمن أخذ بالعمومات قال: إن الدعاء في حق الملبي مشروع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم ينه الملبي عن الدعاء، ولأن مقام المحرم ومقام التلبية مقام واسع، فيدعو ربه ويذكره ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلّم ويلبي، فيستغل وقته بالخير، والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان يذكر الله على كل أحيانه، وقد كان يسمع الناس يزيدون في التلبية فيقرهم على ذلك، كما تقدم، ومن وقف عند الدليل قال بعدم مشروعية الدعاء في مثل هذا المقام، والله تعالى أعلم.