للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي صلّى الله عليه وسلّم عليها، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها في الجاهلية والإسلام، ولها اسم ثالث - كما تقدم في شرح حديث جابر رضي الله عنه - وهو: المشعر الحرام، وهذا جاء في القرآن في قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨]، والمشعر: مَفْعَلٌ من شَعَرَ، أي: المَعْلَم. والحرام: لأنه ممنوع أن يفعل فيها ما نُهي عنه من محظورات الإحرام.

وحدُّ مزدلفة من مأزِمَي عرفة شرقاً إلى وادي محسِّر غرباً، وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب. ومأزما عرفة: تثنية مأزِم، وهو المضيق بين جبلين أو عدوتي وادٍ، وثُنِّي لوقوعه بين شيئين، والمراد به هنا: وادي عُرنة؛ ولذا أضيف إلى عُرنة، لاتصاله بها وقربه منها، قال صلّى الله عليه وسلّم: «ارفعوا عن بطن عرنة»، وقيل: المأزمان، الجبلان اللذان يسميان الأخشبين، وهما جبلان بين عرفة ومزدلفة، بينهما طريق (١).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن النحر يصح في جميع الحرم، سواء في مكة أو منى أو مزدلفة؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٣٣]، والمراد بذلك: الحرم كله، كما ذكر المفسرون، وفي لفظ لحديث جابر رضي الله عنه: «كل فِجَاج مكة طريق ومنحر» (٢).

وعن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (مناحر البُدْن بمكة، ولكنها نُزِّهَتْ عن الدماء، ومنى من مكة) (٣).

وعلى هذا فلا ينحر هديه في عرفة أو غيرها من الحل ولو فرَّقه في الحرم؛ لأن عرفة خارج الحرم، فلا يجزئ على قول الجمهور، وبعض الناس قد يغفل عن ذلك، فينبغي التنبه له.


(١) انظر: "الصحاح" (٥/ ١٨٦١)، "هداية السالك" (٣/ ١١٧٤)، رسالة: "المزدلفة: أسماؤها -حدودها- أحكامها" للدكتور عبد العزيز الحميدي.
(٢) أخرجه أبو داود (١٩٣٧)، وابن ماجه (٣٠٤٨)، وأحمد (٢٢/ ٣٨١)، وسنده حسن.
(٣) أخرجه البيهقي (٥/ ٢٣٩) وإسناده صحيح، كما قال الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>