للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والرمَل: الإسراع في المشي من غير مباعدة للخطوات، وتقدم. وما ورد في هذا الحديث من المشي بين الركنين فهو منسوخ؛ لأن حديث ابن عباس رضي الله عنهما كان في عمرة القضاء سنة سبع قبل فتح مكة، والناسخ له ما ثبت: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم رمل في حجة الوداع جميع الأشواط الثلاثة حتى ما بين الركنين؛ لأن هذا آخر الأمرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: (رمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ومشى أربعاً) (١).

وعنه - أيضاً - رضي الله عنه أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبَّ ثلاثاً ومشى أربعاً (٢). وفي رواية: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم، فإنه يسعى ثلاثة أطواف، ويمشي أربعة (٣). وهذا الحديث بروايته المذكورة موجود في بعض نسخ «البلوغ»، ولا سيما القديمة، وهو يدل على ما تقدم في حديث جابر رضي الله عنه، إلا أن فيه التصريح بأن الرمل في طواف القدوم.

الوجه الثالث: الحكمة من مشروعية الرمل هي ما يستفاد من هذا الحديث، وهي إغاظة المشركين بإظهار القوة، وبقيت مشروعيته وإن كان سببها قد زال، للتذكير بذلك السبب.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أنه ينبغي إغاظة المشركين والكفار بكل وسيلة، وأنه يتأكد على أهل الإسلام ولا سيما في مواقف الحرب واللقاء مع الكفار أن يتظاهروا بالقوة والنشاط، وأن يحذروا ما يدل على الضعف، لأجل إغاظة العدو، وبعث الوهن بين صفوفه، ولئلا يطمع بهم ويتشجع على قتالهم أو النيل منهم، نسأل الله تعالى أن ينصر دينه، ويذلَّ أعداءه، والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (١٦١٦)، ومسلم (١٢٦٢).
(٢) رواه البخاري (١٦٤٤)، ومسلم (١٢٦١).
(٣) رواه البخاري (١٦١٦)، ومسلم (١٢٦١) (٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>