للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جرى على الحجر حوادث واعتداءات متعددة في الأزمنة الماضية، أثرت فيه بتصدع وتكسر، ولكن الله تعالى حفظه من الضياع.

وقد جاء في رواية لمسلم عن سويد بن غَفَلَةَ، قال: رأيت عمر قبَّل الحجر والتزمه، وقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بك حفياً (١). ومعنى (حفياً): أي معتنياً بشأنك بالتقبيل والمسح والكلام (٢).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن تقبيل الحجر ليس لأنه حجر يخاف منه الضرر أو يرجى منه النفع، وإنما هو تسليم للشرع واتباع للنبي صلّى الله عليه وسلّم تعبّداً لله تعالى.

الوجه الرابع: فضيلة عمر رضي الله عنه بحرصه على حماية التوحيد، حيث خاف من تقبيله الحجر أن يغتر به بعض الجهال وحديثو العهد بالإسلام الذين ألفوا عبادة الأحجار وتعظيمها خوف الضرر منها أو رجاء نفعها، فبيّن رضي الله عنه أن هذا الأمر في الإسلام ليس لشيء يطلب من الحجر، وإنما هو تعظيم لله عزّ وجل واتباع للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأن ذلك من شعائر الحج التي أمر الله بتعظيمها؛ ليغرس هذا المعتقد في قلوب من يسمعه أو يُنقل إليه.

الوجه الخامس: الحديث دليل على أن وظيفة المؤمن التسليم للشرع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيه ولم تعلم عين الحكمة فيه، والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح مسلم" (١٢٧١).
(٢) "حاشية السندي على سنن النسائي" (٥/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>