للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: جئت يا رسول الله من جبلي طيئ، أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، والله ما تركت من حبل (١) إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه»، هذا لفظ أبي داود.

قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، وصحَّحه - أيضاً - ابن خزيمة (٢٨٢٠)، والحاكم (١/ ٤٦٣).

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (من شهد صلاتنا هذه) أي: صلاة الفجر بمزدلفة.

قوله: (فقد تمّ حجّه) فاعل (تمَّ)، والمراد: معظم حجه، وهو الوقوف؛ لأنه هو الذي يخاف عليه الفوات، أما طواف الإفاضة فإنه وإن كان لا يتم الحج إلا به لأنه ركن، لكنه لا يخشى فواته.

قوله: (وقضى تفثه) التفث - بالفتح ـ: هو الوسخ الحاصل بطول الأظفار ووفرة الشعر وغيرهما من شعث المحرم، ومعنى (قضى تفثه): أي انتهى وتخلص منه بإزالته.

الوجه الرابع: استدل بهذا الحديث بعض التابعين، وهم: علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري على أن المبيت بمزدلفة ركن لا يتم الحج إلا به، فمن فاته تحلل من إحرامه بعمرة، ثم حج من قابل، وهذا قول لبعض الشافعية (٢).

ووجه الاستدلال: أنه رتب الجزاء «فقد تم حجه» على الشرط «من شهد صلاتنا هذه، فوقف معنا حتى ندفع … »، مما يدل على أن المبيت بها شرط لصحة الحج، كما استدلوا بقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨].


(١) يروى بالجيم المعجمة، ويروى بالحاء المهملة: أحد حبال الرمل، وهو ما اجتمع منه واستطال.
(٢) "المغني" (٥/ ٢٨٤)، "المجموع" (٨/ ١٣٤ - ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>