للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المشركين كانوا يعظّمون البيت ويحجونه، وكانوا على إرث من أبيهم إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، إلا أنهم غيّروا وبدلوا في صفة النسك، ومن ذلك أنهم كانوا يبقون في مزدلفة صبح يوم النحر حتى تشرق الشمس، ثم يُفيضون إلى منى.

الوجه الرابع: الحديث دليل على تأكد الإفاضة من مزدلفة وقت الإسفار قبل طلوع الشمس؛ لأن هذا هو هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم وهدي أصحابه رضي الله عنهم، مخالفة لأهل الجاهلية.

وقد ذهب بعض الحنفية إلى الوجوب (١)، وهو قول قوي، لفعله صلّى الله عليه وسلّم، ولما في ذلك من تحقيق المخالفة الواجبة لهدي الكفار، ومن تأخر عامداً إلى طلوع الشمس فقد أساء وخالف هدي المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وأما من تعذر عليه ذلك بعد أن أخذ في الإفاضة ولكن عاقه المسير لشدة زحام، أو خلل في مركوبه، أو نحو ذلك، فهو معذور.

الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه يتأكد في حق المسلم مخالفة أهل الجاهلية ولا سيما في باب العبادات؛ لأن هذا مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية، لتبقى هذه الأمة متميزة بدينها وعقيدتها وأخلاقها، ولا تكون تابعة لغيرها؛ بل يجب أن يكون غيرها تابعاً لها ومقتدياً بها، والله المستعان.


(١) انظر: "المبسوط" (٤/ ٢٠) (٤/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>