للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (قبل أن أذبح) في تأويل مصدر مضاف إليه؛ أي: قبل الذبح، والمراد: ذبح الهدي.

قوله: (اذبح) هذا أمر إباحة؛ لأن صيغة الأمر إذا وردت في مقام يتوهم فيه الحظر فهي للإباحة، كما في الأصول (١).

قوله: (ولا حرج) الحرج: الضيق، وخبر (لا) محذوف، وهذه الصيغة نكرة في سياق النفي، ركبت مع (لا) فبنيت على الفتح، وهي نص صريح في العموم، لنفي جميع أنواع الحرج، والمعنى: لا ضيقَ عليك بإثم ولا فدية.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الأفضل ترتيب شعائر الحج يوم العيد، وذلك بأن يُبدأ برمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الإفاضة، قال أنس رضي الله عنه: (أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاّق: «خذ»، وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس) (٢).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن مخالفة هذا الترتيب بتقديم بعض الأعمال على بعض أنه لا حرج فيه، أما في حق الجاهل والناسي فهو موضع إجماع بين أهل العلم، وأما في حق العامد، ففيه قولان:

الأول: جواز تقديم بعضها على بعض في حق العامد، وهو العالم الذاكر، وهذا قول الجمهور؛ لقوله: (فما سئل يومئذ عن شيء قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: «افعل ولا حرج»)، ولم يقيده بالناسي أو الجاهل.

القول الثاني: أن رفع الحرج إنما هو في حق الجاهل والناسي فقط، وهذا قول أبي حنيفة (٣)؛ لقول السائل: (لم أشعر)، والمطلق يحمل على المقيد؛ لأن السائلين كانوا أعراباً لا علم لهم بالمناسك.

والقول الأول أرجح؛ لأن توارد الأسئلة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقوة كلامه في


(١) انظر: "الأصول من علم الأصول" ص (١٧).
(٢) تقدم تخريجه عند شرح حديث جابر -رضي الله عنه-.
(٣) "بدائع الصنائع" (٢/ ١٥٨ - ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>