للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الأثرم: (سمعت أبا عبد الله يُسأل: أيُّما أعجب إليك؛ المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، أو كل واحدة منهما على حدة؟ قال: بغرفة واحدة) (١).

والراجح من هذه الصفات الأخيرة، لورودها في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه في الصحيحين، وعليها يحمل حديث علي رضي الله عنه، كما تقدم، وقد رجحها النووي (٢)، أما رواية الفصل فهي ضعيفة، لضعف حديث طلحة، كما تقدم.

لكن ذكر ابن الملقن (٣) وصاحب «عون المعبود» (٤) أن أبا علي بن السَّكَن - وهو من الأئمة الحفاظ - روى في سننه المسماة: «الصحاح المأثورة» من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة قال: (شهدت علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان توضآ ثلاثاً ثلاثاً وأفردا المضمضة من الاستنشاق، ثم قالا: هكذا رأينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توضأ). ثم قال: (روي عنهما من وجوه). فهذا صريح في الفصل بينهما، وشقيق بن سلمة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يره، وروى عن الخلفاء الأربعة وعدد من الصحابة رضي الله عنهم.

وقد جاء من طريق عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء، فقال: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء فدعا بماء، فأُتي بميضأة، فأصغى على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثاً واستنثر ثلاثاً .. الحديث) (٥)، وظاهر ذلك أنه أخذ ماء للمضمضة بمفردها، ثم ماء اخر للاستنشاق بمفرده؛ لأن الاستنثار يلزم منه الاستنشاق.

قال الصنعاني: (ومع ورود الروايتين: الجمع وعدمه، فالأقرب التخيير، وأن الكل سنة، وإن كانت رواية الجمع أكثر وأصح .. ) (٦). والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (١/ ١٧٠).
(٢) "المجموع" (١/ ٣٦٠).
(٣) "البدر المنير" (٣/ ٢٨٨).
(٤) "عون المعبود" (١/ ٢٣٤).
(٥) أخرجه أبو داود (١٠٨).
(٦) "سبل السلام" (١/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>