للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بأنه من مناسك الحج قول قوي، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر به الحجاج دون غيرهم من المعتمرين أو المقيمين، ولم يرد أنه أمر به أمراً مطلقاً، فدل على أنه نسك مختص بالحاج، ولا يلزم على القول بأنه من المناسك أنه يجب على المكي أو من أقام، بدليل أن طواف القدوم من المناسك، وهو لا يشرع لمن أحرم من مكة، فدل على أن هذه الملازمة غير لازمة، ومما يؤيد ذلك عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لتأخذوا مناسككم»، فإنه يفيد أن ما أمر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم في هذه الحجة فهو مناسكها.

وأما حديث العلاء فلا دلالة فيه؛ لأن المراد به قضاء المناسك المؤقتة بوقت معين كالوقوف والمبيت والرمي، أو يحمل على قضاء نسكه ومنها طواف الوداع (١).

الوجه السادس: الحديث دليل على أن طواف الوداع خاص بالحج، وأن العمرة ليس لها وداع، وذلك من وجهين:

الأول: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال ذلك في حجة الوداع، وخاطب به الحجاج، كما تفيده رواية مسلم، ولم ينقل أنه قال ذلك في عمرة من عُمَرِهِ.

الثاني: أن الأوصاف المذكورة لا تنطبق إلا على الحج؛ لأنه لولا الوداع لكان الناس ينفرون من منى بعد رمي الجمرات إلى حيث شاءوا، فَأُمروا أن يكون آخر عهدهم بالبيت.

وقد نقل ابن رشد الإجماع على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم؛ أي: طواف العمرة (٢)، والله تعالى أعلم.


(١) "هداية السالك" (٤/ ١٣٦٦)، "مجلة البحوث الإسلامية" عدد (٥٠)، "المسائل المشكلة" ص (٦٣).
(٢) "بداية المجتهد" (٢/ ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>