للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فقد حَلَّ) أي: حَلَّ من إحرامه، فيجوز له أن يرجع إلى بلده، ولا شيء عليه.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن المحرم بحج أو عمرة إذا أصابه عذر منعه من إكمال نسكه من كسر أو مرض أو حادث، فإنه يحل من إحرامه بحصول ذلك المانع، وتقدم حكم القضاء.

الوجه الخامس: استدل بالأثر من قال: إن الإحصار يتحقق بكل ما يمنع المحرم من المضي في نسكه من عدو، أو مرض، أو ذهاب نفقة، ونحو ذلك.

وبه قال بعض الصحابة والتابعين؛ كابن مسعود رضي الله عنه ومجاهد وعطاء وقتادة والنخعي وغيرهم (١)، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد (٢)، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، وابن القيم، وقال الزركشي: (لعلها أظهر) (٤)، وهو اختيار البخاري، فإنه ساق بعد الآية - تعليقاً - قول عطاء: (الإحصار من كل شيء يحبسه) (٥)، قال ابن القيم: (لو لم يأت نص بحلِّ المحصر بمرض لكان القياس على المحصر بالعدو يقتضيه، فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه؟) (٦) واختار ذلك - أيضاً - الشيخ عبد العزيز بن باز.

والقول الثاني: أن الإحصار خاص بحصر العدو دون المرض ونحوه، وهذا قول ابن عمر، وابن عباس، وأنس، وابن الزبير رضي الله عنهم، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه (٧)، واستدلوا بقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا


(١) انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٣٥).
(٢) "الهداية" (١/ ١٨٠)،" الإنصاف" (٤/ ٧١).
(٣) "الاختيارات" ص (١١٩ - ١٢٠).
(٤) "شرح الزركشي" (٣/ ١٦٩ - ١٧٠).
(٥) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٣)، "منسك عطاء" ص (١٠٧) رقم (٥٠٨)، وهذا الأثر وصله عبد بن حميد في "تفسيره" وسنده صحيح.
(٦) "تهذيب مختصر السنن" (٢/ ٣٧١).
(٧) "الموطأ" (١/ ٣٦٢)، "المغني" (٥/ ٢٠٣)، "المجموع" (٨/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>