أخرى عند مسلم، وسيكون الكلام - إن شاء الله - على هذا اللفظ، ونذكر بعض الروايات الأخرى التي يستفاد منها بعض الأحكام المتصلة بمسائل البيع.
° الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(أنه كان يسير على جمل له) لم يحدد في هذه الرواية جهة السير، وقد جاء في إحدى روايات "الصحيحين": (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزَاةٍ)، وعند مسلم:(أقبلنا من مكة إلى المدينة)، وعند أبي عوانة:(فأعطاني الجمل وثمنه وسهمي مع القوم)، فتبين بذلك أنه سفر غزوة، قيل: إنها تبوك، وقيل: ذات الرقاع، وهذا هو الظاهر على ما اختاره الحافظ ابن حجر نقلًا عن ابن إسحاق والواقدي، قال:(لأن أهل المغازي أضبط من غيرهم)، ومما يؤيد ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سأل في تلك القصة جابرًا:"هل تزوجت؟ "، قال: نعم … الحديث، وفيه أنه اعتذر بتزوجه الثيب من أجل أخواته الصغار، والثيب أقوم عليهن، وذات الرقاع بعد أُحد بسنة واحدة على الأصح، وفيها استشهاد والد جابر -رضي الله عنهما-، وتبوك بعدها بسبع سنين، والله أعلم.
قوله:(فأعيا) الإعياء: التعب والعجز عن السير، أي: تعب فلم يساير الجيش، يقال: أعيا الرجل أو البعير: إذا تعب وكل من المشي، يستعمل لازمًا ومتعديًا، تقول: أعيا الرجل، وأعياه الله.
قوله:(أن يسيبه) أي: يتركه رغبة عنه، ليذهب على وجهه، وليس المراد أن يجعله سائبة لا يركبه أحد، كما كانت الجاهلية تفعل، فإن هذا محرم في الإسلام، ولا يفعله جابر - رضي الله عنه -.
قوله:(فلحقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان في آخر الجيش انتظارًا للعاجزين، ورفقًا بالمنقطعين.
قوله:(فدعا لي وضربه)، هذا يفيد أن الدعاء كان لجابر - رضي الله عنه -، وفي رواية:(فضربه برجله ودعا له) وهذا يفيد أن الدعاء كان للجمل، ويجمع بينهما بأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا له ولجمله.