للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يجوز أن يُقْضَى عن الذهب فضة، وعن الفضة ذهبًا، فإذا استقر في ذمة المشتري عند المبايعة ذهبًا فدفعها فضة أو بالعكس ورضي البائع جاز، بشرط أن يتقابضا قبل التفرق من مجلس العقد، فإذا اختل هذا الشرط لم تصح المعاملة، وتصير داخلة في ربا النسيئة؛ لأن الذهب والفضة مالان ربويان، فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر إلا بشرط التقابض بإجماع أهل العلم (١)، فإن لم يقبض شيئًا بطل العقد كله، وإن قبض البعض صح العقد فيما قبِضَ لوجود شرطه، وبطل فيما لم يقبض لفوات شرطه. ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يباع غائب منها بناجز"، وسيأتي الكلام على هذين الحديثين.

ومثل ذلك لو باع سلعة بالريال السعودي فله أن يعتاض عنه بالدينار الكويتي -مثلًا- بشرط التقابض.

° الوجه الرابع: ظاهر قوله: (لا بأس أن تأخذ بسعر يومها) أن هذا شرط، فيكون اقتضاء الذهب فضة والعكس له شرطان، وهذا قول الإمام أحمد، واختيار الخطابي والشوكاني والشيخ عبد العزيز بن باز (٢). واشتراط سعر الوقت لئلا يربح فيما لم يدخل في ضمانه.

والقول الثاني: أنه لا يشترط بل يجوز بسعر يومها وأغلى وأرخص، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، ومال إليه الصنعاني (٣).

واستدلوا بعموم قوله: "إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم"، لكن قال الأولون: إن هذا حديث عام، وحديث الباب خاص، فيبنى العام على الخاص، ويخصص به، والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (٦/ ١١٢).
(٢) "معالم السنن" (٥/ ٢٦)، "نيل الأوطار" (٥/ ١٧٧، ١٧٨).
(٣) "سبل السلام" (٥/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>