للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (بالضمان) الباء للسببية، وهي مع مجرورها متعلقان بمحذوف خبر للمبتدأ، والتقدير: الخراج مستحق بالضمان، وقيل: إنها للمقابلة (١)، وهذا أقرب؛ أي: الخراج مقابل الضمان، والضمان: الكفالة والالتزام، والمراد هنا: المؤونة، كالإنفاق والحفظ وتحمل التلف والهلاك، ونحو ذلك.

والمعنى: أن ما يحصل من فوائد ومنافع العين المباعة يكون للمشتري في مقابل ضمانه للعين المباعة، إذ لو تلفت العين كانت من ضمانه، ولم يكن له على البائع شيء، ومثل ذلك العين المؤجرة.

• الوجه الثالث: هذا الحديث مع إيجازه من جوامع الكلم، لاشتماله على معانٍ كثيرة ومسائل عديدة، وهو عند الفقهاء من القواعد الثابتة المستقلة، ولذا أورده العلماء ضمن القواعد الفقهية التي ينطوي تحتها فروع كثيرة، ولهم في ذلك تعبيرات متعددة.

فمن اشترى ماشية فحلبها، أو أرضًا فاستعملها، أو سيارة فركبها أو حمل عليها، ثم وجد بشيء من ذلك عيبًا فله أن يرد العين المباعة، ويأخذ الثمن، ولا شيء عليه فيما انتفع به، بل هو مقابل ضمانه المبيع؛ لأنه لو تلف في يده لكان من ضمانه.

وقد فرَّع الفقهاء على هذه القاعدة مسائل كثيرة، منها:

١ - أن مؤنة ردِّ العين المنتفع بها في الإجارة على المؤجر؛ لأن العين المستأجرة مقبوضة لمنفعته بأخذ الأجر، وأما مؤنة رد العارية فهو على المستعير؛ لأن منفعتها له.

٢ - إذا احتاج ملك مشترك للتعمير، فعلى كل واحد من الشركاء أن يدفع النفقات بنسبة حصته في ذلك (٢). والله تعالى أعلم.


(١) ذكر ذلك الونشريسي المالكي في كتابه "المعيار المعرب" (٤/ ٣٤٦) أثناء كلامه على معاني: "الباء".
(٢) انظر في هذه القاعدة: "القواعد والضوابط الفقهية، للمعاملات المالية عند ابن تيمية" تأليف: عبد السلام الحصين (٢/ ٢٥٤)، "جمهرة القواعد الفقهية المالية" تأليف: علي الندوي (١/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>