للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أنها بيع، وهو رواية عن أحمد، ومذهب الإمام مالك؛ لأن المبيع عاد إلى البائع الأول على الصفة التي خرج عليها منه، فكان بيعًا كالأول (١).

وهذا الخلاف له فوائد كثيرة ذكرها ابن رجب في "ملحق القواعد" (٢)، ومنها:

١ - من حلف لا يبيع، فأقال: لم يحنث على القول الأول، ويحنث على القول الثاني بأنها بيع، كسائر البيوع.

٢ - على القول بأنها فسخ تجوز قبل القبض وبعده، وعلى الثاني لا تجوز قبل القبض، فيما يعتبر فيه القبض كالمكيل والموزون -مثلًا-؛ لأن بيعه على بائعه لا يجوز قبل قبضه، كما لا يجوز على غيره.

٣ - على القول بأنها فسخ تصح بعد النداء الثاني يوم الجمعة، وعلى أنها بيع لا تصح.

° الوجه الخامس: اختلف العلماء في حكم الإقالة بأقل أو أكثر من ثمن السلعة على قولين:

الأول: أنها لا تجوز إلّا بالثمن، وقد نقل عن أحمد ما يدل على كراهة الزيادة؛ لأن مقتضى الإقالة رد الأمر على ما كان عليه، ورجوع كل واحد منهما إلى ماله، فلم تجز بأكثر من الثمن، ولأنه يخشى شبهها بمسالة العينة؛ لأن البائع يرجع إليه عين ماله، ويثبت له على المشتري فضل دراهم.

والقول الثاني: جواز الإقالة بأقل أو أكثر من الثمن، وقد نقل عن الإمام أحمد ما يدل على جواز ذلك، مستدلًا بمسالة بيع العربون -المتقدمة- وذلك لأنه من جنس الإقالة بربح.

ورجح ذلك الحافظ ابن رجب في "القواعد" وقال: (إن محذور الربا هنا بعيد جدأ؛ لأنه لا يقصد أحد أن يدفع عشرة ثم يأخذ نقدًا خمسة -مثلًا-، لا سيما والدافع هنا هو الطالب لذلك الراغب فيه) (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (٦/ ١٩٩).
(٢) "القواعد" (٣/ ٣٠٩).
(٣) "القواعد" (٣/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>