للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (حتى ترجعوا إلى دينكم) أي: حتى ترجعوا إلى الاهتمام بأمور الدين والقيام بها، وتتركوا هذه الخصال المذمومة التي صارت سببًا في حلول البلاء، وفي هذا زجر بليغ؛ لأنه نَزَّلَ الوقوع في هذه الأمور منزلة الخروج من الدين.

* الوجه الثالث: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على تحريم مسألة العينة، ووجه الدلالة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نزَّل الوقوع في هذه الأمور المذكورة ومنها بيع العينة منزلة الخروج من الدين، لقوله: "حتى ترجعوا إلى دينكم"، وجعلها سببًا لإنزال البلاء وتسليط الذل عليهم، فدل على تحريم مسألة العينة؛ لأن ما كان سببًا في نزول البلاء فهو محرم.

* الوجه الرابع: اختلف العلماء في حكم مسألة العينة، وهي أن يبيع -مثلًا- سيارة بمائة ألف مؤجلة إلى سنة، ثم يشتريها منه بثمانين حالّة، على قولين:

الأول: أنه يحرم بيع العينة، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم (١)، واستدلوا بهذا الحديث.

كما استدلوا بما ورد عن أبي إسحاق السبيعي، عن امرأته أنها دخلت على عائشة - رضي الله عنها - ومعها أُمُّ ولدِ زيدِ بن أرقم الأنصاري وامرأةٌ أخرى، فأخبرت أمُّ ولدِ زيدِ بنِ أرقمَ عائشةَ - رضي الله عنها - أنها باعت غلامًا من زيد بثمانمائة إلى العطاء، ثم اشترته منه بستمائة درهم، فقالت لها عائشة: (بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يتوب)، قالت: أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل، قالت: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: ٢٧٥] أو قالت: {وَإِنْ تُبْتُمْ


(١) انظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ١٩٨)، "بداية المجتهد" (٣/ ٢٧٣)، "الفتاوى" (٢٩/ ٤٣٠)، "تهذيب مختصر السنن" (٥/ ١٠٠)، "الإنصاف" (٤/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>