في الرهن ضد الفكّ، فإذا فَكَّ الراهن الرهن فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه، ويقال: غَلِقَ الرهن: إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه، بسبب عدم قدرته على أداء الدين، وكان هذا من فعل الجاهلية، أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهنُ الرهنَ واستحله، فأبطله الإسلام (١).
فمعنى:(لا يغلق الرهن) أي: لا يستحقه المرتهن بمجرد حلول الأجل، فهو لا يزال في ملك الراهن وإن استمر محبوسًا بيد المرتهن حتى يَفُكَّهُ الراهن بقضاء الدين الذي عليه.
قوله:(من صاحبه) أي: الراهن.
قوله:(له غُنمه) بضم الغين المعجمة، وسكون النون؛ أي: للراهن زيادة الرهن وثمرته وكسبه مدة كونه مرهونًا، كان يكون حيوانًا أنسل، أو شجرًا أثمر، أو دارًا أُجِّرت، أو نحو ذلك.
قوله:(وعليه غُرمه) بضم الغين المعجمة وسكون الراء المهملة؛ أي: وعلى الراهن ما يحصل على المرهون من نقص أو تلف أو نفقة أو غيرها، إذا تلف بدون تَعَدٍّ من المرتهن، كموت الحيوان أو نقصانه، أو انهدام الدار ونحو ذلك.
° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المرتهن لا يستحق الرهن إذا عَجَزَ الراهن عن أداء الدين؛ لأن الرهن ملك للراهن لا يزول ملكه عنه، وإنما هو وثيقة بيد المرتهن يتوثق ممن عليه الدين، فإذا حل الدين وجب على الراهن أداؤه وأخذ رهنه، فإن لم يتيسر ذلك أو امتنع باع الحاكم الرهن لتعينه طريقًا لأداء الواجب، وقضى دينه من ثمنه؛ لأنه حق تعين عليه، فقام الحاكم مقدمه فيه، ويُرد الباقي على صاحب الرهن.
° الوجه الرابع: الحديث دليل على أن زيادة الرهن ونماءه ملك للراهن، وأن عليه نفقته، وليس على المرتهن شيء، وإن حصل له نقص أو تلف فهو من ملك الراهن، وليس على المرتهن شيء؛ لأنه أمين، فالتلف في يده كالتلف في يد المالك، إلا إن حصل منه تعد أو تفريط فإنه يضمن، والله تعالى أعلم.