للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز القرض وإباحته إذا علم المقترض من نفسه الوفاء، وأنه ليس من المسألة المذمومة؛ لأنه ارتفاق بالشيء يرد بدله، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - فعله، لكن ينبغي للمسلم ألا يقترض إلا عند الحاجة، لما جاء في نصوص الشريعة من تعظيم أمر الدين، وعلى الإنسان ألا يتساهل في الاقتراض لأمور يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها، كما عليه بعض الناس.

وأما القرض من جهة المقرض فهو مندوب إليه، ومن القُرَب التي حث عليها الإسلام، لما فيه من إعانة المسلم وقضاء حاجته وتفريج كربته.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على جواز اقتراض الحيوان كالإبل وغيرها، وقد بوّب البخاري في كتاب "الاستقراض": "باب استقراض الإبل" (١).

° الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز الوفاء بما هو أفضل من الشيء المقترض، وأن هذا من الزيادة المستحبة شرعًا، لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وثنائه على حسن القضاء، ويدل على ذلك جواز قبول المقترض لهذه الزيادة؛ لأن بذلها دليل على جواز أخذها، وهذا من مكارم الأخلاق المحمودة شرعًا وعرفًا.

وعلى الصحيح من قولي أهل العلم فإن الحديث يعم الزيادة في الصفة بأن يرد المقترض أجود مما أخذ، كان يعطيه بعيرًا أجود من بعيره أو يعطيه بُرًّا أحسن من بُرِّهِ، ويعم الزيادة في المقدار بأن يرد المقترض أكثر مما أخذ، أو بأن يزيده هدية من مال آخر، كأن يقترض منه صاعًا فيرد له صاعين، أو مائة ريال فيعطيه مائة وعشرة، أو يعطيه مع المائة كتابًا -مثلًا- لأن الحديث نص عام، يتناول حسن القضاء في الصفة، كما يتناول حسن القضاء في المقدار، وخصوص السبب في هذا الحديث وهو القضاء بالأجود صفة لا


(١) "فتح الباري" (٦/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>