للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° الوجه الثالث: استدل بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - من قال: إن الخمس عشرة سنة بلوغ، يلزم به الفرائض والحدود وغيرها من الأحكام، وهذا قول الشافعي وأحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وهو قول الأوزاعي (١).

وعن أحمد رواية: أن الخمس عشرة بلوغ للذكر وحده دون الجارية. قال أصحاب هذا المذهب: إن العادة الفاشية والغالب أن الاحتلام والحيض يكونان في هذا السن، ولا يتأخر عنه إلا قليل، والعبرة بالعام والغالب لا بالقليل (٢).

والقول الثاني: أنه ليس للبلوغ من معين، لا خمس عشرة ولا غيرها، إلا بالاحتلام، وهذا قول داود الظاهري، ورواية عن الإمام أحمد، وقول للإمام مالك، وإليه مال ابن القيم وقوَّاه (٣). مستدلين بما تقدم من حديث: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم … ".

ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل غاية رفع التكليف: الاحتلام، وعلى هذا فإثبات التكليف بغير الاحتلام مخالفة للخبر.

وأجابوا عن حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بأنه لا دلالة فيه على البلوغ، وإنما هو محمول على إرادة القدرة والطاقة على القتال، يؤيد ذلك حديث سمرة - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض غلمان الأنصار في كل عام، فيلحق من أدرك منهم. قال: فَعُرضت عامًا، فألحق غلامًا وردني، فقلت: يا رسول الله لقد ألحقته ورددتني، ولو صارعته لصرعته، قال: "فصارعه" فصارعته، فصرعته، فألحقني) (٤).


(١) انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم" (١٣/ ١٥)، "شرح فتح القدير" (٩/ ٢٧٠)، "الإنصاف" (٥/ ٣٢٠).
(٢) "شرح معاني الآثار" (٣/ ٣٢٠).
(٣) "المغني" (٦/ ٥٩٧)، "تحفة المودود" ص (١٨١).
(٤) أخرجه الحاكم (٢/ ٦٠)، والبيهقي (٩/ ٢٢) وغيرهما، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>