للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون للأموال، كما تقدم، ومن الفقهاء من لا يفرق بين الكفالة والضمان، ويجعلهما بمعنى واحد، والظاهر أن الحافظ جرى على هذا، فإنه ذكر هذا الحديث في الكفالة مع أنه لم يذكر الكفالة ضمن الترجمة المتقدمة.

قوله: (في حدّ) الحد في اصطلاح الفقهاء: عقوبة بدنية مقدرة شرعًا لحق الله تعالى، كعقوبة الزنا، والسرقة، والشرب، والقذف. والحد في لسان الشرع أعم منه في اصطلاح الفقهاء، فإنه يطلق على هذه العقوبات تارة، وتارة يراد به نفس المعاصي، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧]، وتارة يراد به شرائع الله تعالى، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، ولهذا مزيد تفصيل في أول "الحدود" إن شاء الله تعالى.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الكفالة بالنفس لا تصح في الحد مطلقًا، سواء كان حقًّا لله تعالى كحد الزنا، أو لآدمي كحد القذف والقصاص، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الكفالة في الحدود، ولم يفرق بين ما كان لله تعالى وما كان للعبد، ولأنه لا يجوز استيفاء الحد من الكفيل حال تعذر الاستيفاء من المكفول، ولأن الكفالة استيثاق، والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات، فلا يدخل فيها الاستيثاق، كذلك لا تصح الكفالة فيمن عليه عقوبة مطلقة على ترك وأجب أو فعل محرم، لما تقدم.

والقول بأن الكفالة لا تصح في الحد هو أحد القولين في مذهب المالكية والحنابلة، وقول للشافعية.

والقول الثاني: أن الكفالة بالنفس تصح مطلقًا في حدود الله تعالى وحقوق الآدميين، وهذا قول في مذهب الشافعية؛ لأن الحد حق لازم، فأشبه المال، ولأن الحضور مستحق على الجاني، فتصح الكفالة بإحضاره.

والقول الثالث: التفصيل، وهو أن الكفالة بالنفس لا تصح في حدود الله تعالى، وتصح في حقوق الآدميين كحد القذف والقصاص، وهو مذهب الحنفية، وقول ثالث في مذهب الشافعية، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية،

<<  <  ج: ص:  >  >>