للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن قال: إنها صدقة التطوع، قال: لأنه لا يظن بهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - أن يمنعوا الزكاة الواجبة.

وأجيب عن ذلك: بأنهم ما منعوها جحدًا ولا عنادًا، إلا ابن جميل، فقد قيل: إنه كان منافقًا، ثم تاب بعد ذلك، وأما خالد - رضي الله عنه - فكان متأولًا بإجزاء حَبْسِ أدراعه وأعتاده في سبيل الله تعالى، وأما العباس فقد التزم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدفع الزكاة عنه ويزيد مثلها تطوعًا، جبرًا لما حصل، ومبالغة في الكرم وصلة القرابة، ولهذا عذر النبي - صلى الله عليه وسلم - خالدًا والعباس، ولم يعذر ابن جميل.

* الوجه الثالث: يدخل في عموم الحديث جواز الوكالة في العبادات المالية أو التي لها تعلق بالمال كالزكاة -كما تقدم- وزكاة الفطر والصدقات والمنذورات والكفارات. فكل هذه وغيرها يجوز التوكيل في قبضها وتفريقها على مستحقها، لما عُلم من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عماله إلى الأمصار لقبض الصدقات وتفريقها.

أما العبادات البدنية المحضة كالوضوء والصلاة والصيام والاعتكاف ونحوها فلا تصح فيها الوكالة؛ لأنها تتعلق ببدن من هي عليه؛ لأن المقصود منها ابتلاء المكلف بعينه واختباره بإتعاب نفسه، وهذا لا يتحقق بالتوكيل فيها، إلا ركعتي الطواف فتصح فيهما الوكالة؛ لأنهما تبع للحج أو العمرة التي تجوز فيها الوكالة، ولو أفردهما بالتوكيل لم يصح ذلك.

وأما الصوم عن الميت كما لو نذر صومًا، أوكان عليه أيام من رمضان -على أحد القولين- فإنه يُفعل عنه أداءً لما وجب عليه، وليس ذلك من باب الوكالة؛ لأن الميت لم يستنب الولي، وإنما أمره الشرع بذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" كما تقدم في "الصيام".

وأما الحج والعمرة فتجوز الوكالة فيهما بإنابة من يؤديهما عن الإنسان، بشرط أن يكون ميتًا، أو عاجزًا عجزًا لا يرجى زواله، وتقدم هذا في "الحج".

<<  <  ج: ص:  >  >>