للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جحش أهدت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت عائشة يومها جفنة من حيس … الحديث. والحيس: تمر يخلط بسمن وأقط فيعجن شديدًا، ثم يُنْدَرُ منه نواه، وربما جعل فيه سويق.

قوله: (فضمها) أي: جمع بين أجزاء القصعة المكسورة وشدها حتى تماسكت.

قوله: (ودفع القصعة .. ) في البخاري: (وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة … ).

قوله: (طعام بطعام) أي: وضع في القصعة الصحيحة طعامًا وأرسله فيها إلى من كسرت قصعتها، ولعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك تطييبًا لخاطرها، أو من باب المعونة والإصلاح.

* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من أتلف لغيره شيئًا أنه يضمنه، فإن كان مثليًّا ضمنه بمثله، وإن لم يكن مثليًّا ضمنه بقيمته، ولا يعدل إلى القيمة إلا إذا أعوز المثل أو تعذر.

وقد تقدم أن المثلي كل شيء له مثل وشبيه ومقارب، سواء كان مكيلًا كالأرز والبر والشعير، أو موزونًا كاللحم، أو إناء، أو كتابًا، أو ثوبًا، أو نحو ذلك.

ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع القصعة الصحيحة للرسول عوضًا عن القصعة المكسورة، ومعلوم أن القصعة تعد من القيميات، ومع هذا أوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها قصعة مثلها، مما يدل على أن القيمي يضمن بمثله من جنسه متى أمكن مع مراعاة التساوي في القيمة أو التقارب، حيث لا يوجد فرق يعتد به، ولأن الضمان بالشبيه والمقارب يجمع الأمرين: القيمة، وحصول مقصود صاحبه، وقد نُسب هذا القول إلى الشافعي، وهو رواية عن أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهو قول ابن حزم (١).


(١) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ٢١١)، "الإنصاف" (٦/ ١٩٣)، "الفتاوى" (٢٠/ ٥٦٣، ٣٠/ ٣٣٣)، "إعلام الموقعين" (١/ ٣٢٢، ٢/ ٢٥)، "المحلى" (٨/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>