الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن حرمة مال المسلم في أعظم مجمع على الإطلاق حيث خطب بذلك في عرفة، كما في حديث جابر - رضي الله عنه -، ثم أعاده في منى يوم النحر، كما في هذا الحديث، وهذا دليل على العناية والاهتمام بهذا الأمر.
الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن بين الأموال والأنفس والأعراض فدل على وجوب احترام الأموال وعدم التعدي عليها كوجوب احترام الدماء والأعراض.
الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبه تحريم الدم والمال والعرض بما هو ظاهر عندهم ومستقر وثابت في نفوسهم، وهو تحريم البلد والشهر واليوم، وكانوا لا يرون استباحة هذا الأشياء وانتهاك حرمتها بحال، بخلاف الدماء والأموال والأعراض فإنهم كانوا في الجاهلية يستبيحونها، فشبه حرمة هذه بحرمة تلك لما تقدم من وجه الشبه.
وقد نهى الله تعالى عن أكل أموال الناس بالباطل في أكثر من آية من كتابه الكريم، وهذا يشمل كل سبب محرم أو وسيلة محرمة لاكتساب المال تؤدي إلى التعدي على حقوق الآخرين، فيدخل في ذلك أكل الربا والغصب والتعدي على أملاك الآخرين من الأراضي أو البساتين وغيرها بمدِّ حدود أرضه إلى أرض جاره خلسة واغتصابًا، كما يدخل في ذلك السرقة والاختلاس والرشوة والغش وغير ذلك من صور أكل المال بالباطل.
وقد حمى الإسلام مال المسلم وصانه من التعدي، فحرم أخذه بغير إذنه وطيب نفسه، وأوجب الضمان على من أتلف شيئًا منه، كما توعد بالعقاب الأليم من أخذ شبرًا من أرض أخيه، وأوجب قطع يد السارق، وتعزير المختلس والمنتهب، والله تعالى أعلم.