للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (حتى يعرض على شريكه) أي: يُعلم شريكه بأنه يريد بيع نصيبه من العقار -مثلًا- حتى إذا كانت له رغبة فيه كان أحق به من الأجنبي.

قوله: (في كل شيء) صيغة عموم، يعني من عقار كأرض ودار ومزرعة، أو منقول ككتاب وحيوان، وغير ذلك مما تجري فيه الشركة.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية الشفعة وثبوتها لكل شريك، وذلك في كل عقار مشترك بين اثنين فأكثر، قال الحافظ: (هذا الحديث أصل في ثبوت الشفعة) (١). وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (يؤخذ من هذا الحديث أحكام الشفعة كلها، وما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه) (٢).

وإذا كان الشركاء أكثر من واحد فالشفعة بينهم على قدر أملاكهم؛ لأن الشفعة حق يستفاد بسبب الملك، فكانت على قدر الأملاك، فإن ترك أحد الشركاء الشفعة لزم باقي الشركاء أخذ كل الشقص أو تركه؛ لأن في أخذ البعض إضرارًا بالمشتري، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك (٣). فأرض بين ثلاثة أشخاص، واحد له نصفها، والثاني: له ثلثها، والثالث: له سدسها، فباع رب النصف نصيبه، فلشريكيه الشفعة بقدر ملكهما، فتكون المسألة من ثلاثة: لصاحب الثلث سهمان، ولصاحب السدس واحد، ولو باع رب الثلث فالمسألة من ستة، والثلث يقسم على أربعة، لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب السدس واحد، ولو باع رب السدس فالمسألة من خمسة لصاحب النصف ثلاثة، ولصاحب الثلث سهمان.

° الوجه الرابع: الحديث دليل على ثبوت الشفعة في كل عقار مشترك لم تميز حدوده ولم تصرف طرقه، كالأراضي والدور والبساتين ونحو ذلك مما يكون مشاعًا بين اثنين فأكثر، وهذا منطوق الحديث، ومفهومه أنه إذا تم تقسيم الأنصبة المشتركة وحددت المعالم، بطل حق الشفعة لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي من أجله ثبتت.


(١) "فتح الباري" (٤/ ٤٣٦).
(٢) "بهجة قلوب الأبرار" ص (١١٨).
(٣) "المغني" (٧/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>