للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيث يقول: (إن مسح الخف مؤقت عند الجمهور … لكن لو كان في خلعه بعد مضي الوقت ضرر مثل: أن يكون هناك برد شديد متى خلع خفه تضرر، كما يوجد في أرض الثلوج وغيرها، أو كان في رفقة متى خلع وغسل لم ينتظروه، فينقطع عنهم، فلا يعرف الطريق أو يخاف إذا فعل ذلك من عدو أو سبع، أو كان إذا فعل ذلك فاته واجب ونحو ذلك، فهنا قيل: إنه يتيمم، وقيل: إنه يمسح عليهما للضرورة، وهذا أقوى؛ لأن لبسهما هنا صار كلبس الجبيرة من بعض الوجوه، فأحاديث التوقيت فيها الأمر بالمسح يوماً وليلة، وثلاثة أيام ولياليهن، وليس فيه النهي عن الزيادة إلا بطريق المفهوم، والمفهوم لا عموم له، فإذا كان يخلع بعد الوقت عند إمكان ذلك عمل بهذه الأحاديث، وعلى هذا يحمل حديث عقبة بن عامر … وهو حديث صحيح) (١).

وقد عمل به شيخ الإسلام في بعض أسفاره، فقال: (لما ذهبت على البريد وجدّ بنا السير، وقد انقضت مدة المسح، فلم يمكن النزع والوضوء إلا بانقطاع عن الرفقة، أو حبسهم على وجه يتضررون بالوقوف، فغلب على ظني عدم التوقيت عند الحاجة، كما قلنا في الجبيرة، ونَزّلْتُ حديث عمر وقوله لعقبة بن عامر: (أصبت السنة) على هذا، توفيقاً بين الآثار، ثم رأيته مصرحاً به في مغازي ابن عائذ: أنه كان قد ذهب على البريد كما ذهبت لما فتحت دمشق … فحمدت الله على الموافقة … قال: وهي مسألة نافعة جداً) (٢).

فالصواب في هذه المسألة التوقيت؛ لأن أحاديث التوقيت صحيحة متواترة ليس لها معارض، وأما ما جاء مطلقاً عن التوقيت فهو مقيد بها على القاعدة الأصولية أن المطلق يحمل على المقيد، جمعاً بين الأدلة، ويمكن العمل به في حدود ضيقة على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، لئلا يلزم من الأخذ به ترك العمل بأحاديث التوقيت، والله أعلم.


(١) "الفتاوى" (٢١/ ١٧٧).
(٢) "الفتاوى" (٢١/ ٢١٥، ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>