للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحصول على الثمن، سواء اشترى به طعامًا، أو لباسًا، أو سيارة، أو غير ذلك.

قوله: (فاستوفى منه) أي: نحصل من الأجير على العمل الذي استأجره من أجله. وذكر الأكل والاستيفاء فيه مزيد من التوبيخ والتقريع والتهجين للأمر.

قوله: (ولم يعطه أجره) الأجر في اللغة: الجزاء على العمل، وفي اصطلاح الفقهاء: العوض الذي يُعطى مقابل منفعة، وتسمى الأجرة. وذكر الرجل في الحديث لا مفهوم له، وإنَّما جرى مجرى الغالب.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم الغدر، وهو نقض العهد والإخلال بالشيء وتركه، وهو من أكبر الكبائر، وهو صفة ذميمة تدل على خسة النفس وحقارتها، ولا يتصف بها إلَّا ناقص الإيمان. والغادر شخص ممقوت لا يطمئن الناس إلى مخالطته ولا جيرته ولا معاملته، ويكفيه سخطًا وغضبًا أن الله تعالى يكون خصمه يوم القيامة.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن استرقاق الحر وبيعه وأكل ثمنه من أكبر الكبائر. قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن بيع الحر باطل) (١). قال المهلب: (وإنَّما كان إثمه شديدًا؛ لأن المسلمين أكفاء في الحرية، فمن باع حرًّا فقد منعه التصرف فيما أباح الله له، وألزمه الذل الذي أنقذه الله منه) (٢).

• الوجه الخامس: الحديث دليل على تحريم أكل أجرة العامل وعدم إعطائها إياه بعد استيفاء العمل، وهذا من كبائر الذنوب، وهذا أمر مستقبح شرعًا وعقلًا، فإن العامل أخوك في الإسلام، وحقوق الإخوان على الإخوان كثيرة، فكيف إذا أدى لمستأجره عملًا يعود على ماله بالنماء وعلى تجارته أو صناعته بالازدهار والسعة؟!. وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود وأداء الأمانة إلى أهلها، وأجرة العامل داخلة في هذا العموم.

• الوجه السادس: الحديث دليل على عناية الإسلام بحقوق العمال


(١) "الإجماع" ص (١١٤).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>