للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كالمساجد وكتب العلم وإنشاء المستشفيات في البلاد المحتاجة، وتسبيل مياه الشرب بحفر الآبار ووضع البرادات، وتسبيل أجهزة تبريد الهواء، ودور الرعاية، وجمعيات تحفيظ القرآن، وغير ذلك من جهات البر التي يعينها الواقف، ويدخل في ذلك الوقف على القرابة كولده وأقاربه، ونحو ذلك.

وقد ثبتت مشروعية الوقف بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]، والوقف داخل في الإنفاق، ويدل لذلك قصة أبي طلحة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لما نزلت هذه الآية فإنه قال: (يا رسول الله؛ إن أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو بِرَّهَا وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله … الحديث) (١). فقد فهم أَبو طلحة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - العموم من هذه الآية، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وقد بوب البخاري على هذا الحديث بقوله: "بابٌ "إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز، وكذلك الصدقة").

وأما السنة فقد ورد عدة أحاديث، منها أحاديث الباب. وأما الإجماع فقد أجمع المسلمون على مشروعية الوقف في الجملة، وقد نقل القرطبي إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على جواز الوقف، فقال: (إن المسألة إجماع من الصحابة، وذلك أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وفاطمة وعمرو بن العاص وابن الزُّبَير وجابرًا - رضي الله عنهم - كلهم وقفوا الأوقاف، وأوقافهم بمكة والمدينة معروفة مشهورة) (٢). وقال ابن حزم: (جملة صدقات الصحابة بالمدينة أشهر من الشمس، لا يجهلها أحد) (٣). وثبت أن عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - سبَّل بئر رومة، وكان دلوه فيها كدلاء المسلمين (٤).

والوقف من أفضل الصدقات التي حث الله عليها ووعد بالثواب


(١) أخرجه البخاري (٢٧٦٩).
(٢) "تفسير القرطبي" (٦/ ٣٣٩).
(٣) "المحلى" (١٠/ ١٨٣).
(٤) علقه البخاري (٥/ ٢٩، ٤٠٦ "فتح")، ووصله التِّرمِذي (٣٦٩٩)، والنَّسائي (٦/ ٢٣٦)، وقال التِّرمِذي: (هذا حديث حسن صحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>