للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فما تأمر به)، وعند مسلم: (فما تأمرني به؟) أي: فما الذي تأمرني به أن أفعل من أبواب البر والتقرب إلى الله تعالى.

قوله: (إن شئت حبست أصلها) بتشديد الباء الموحدة، ويُخفف؛ أي: وقفت أصلها، والحبس في اللغة: المنع، وحبسته بمعنى: وقفته، فهو حبيس، والتشديد للمبالغة، قال الأزهري: (حَبَّسْتُ الأرض: أكثر استعمالًا من وَقَفْتُهَا) (١).

قوله: (وتصدقت بها) هذا على حذف مضاف؛ أي: بريعها وغلتها ومنفعتها من حبوب وثمار وغيرها. وفي رواية النسائي المذكورة "احبس أصلها وسَبِّل ثمرتها". وقيل: إن الصدقة راجعة إلى الأصل المُحَبَّسِ، فيكون هذا من ألفاظ الوقف غير الصريح، والأول أقرب، وبه جزم القرطبي بدليل السياق مع رواية النسائي، ولأنه على المعنى الأول يكون تأسيسًا وبيانًا لحكم الغلة، وعلى الثاني يكون تأكيدًا، والتأسيس خير من التأكيد (٢).

قوله: (غير أنه لا يباع أصلها) هذا ضمير الشأن؛ أي: والحال والشأن أنه لا يباع أصلها. وظاهر هذا السياق أن الشروط من كلام عمر - رضي الله عنه -، والرواية المذكورة تدل على أن الشروط من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقدم وجه الجمع.

قوله: (فتصدق بها في الفقراء) هكذا لفظ "البلوغ" وفي مسلم (فتصدق عمر … ) والفقراء: جمع فقير، وهو من لا يقدر على نصف كفايته وكفاية عائلته لا بماله ولا بكسبه. والمسكين: من يقدر على نصف كفايته دون كمالها، وهما من الأسماء التي قال العلماء فيها: إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا، فذكر الفقراء هنا يدخل فيه المساكين.

قوله: (وفي القربى) أي: الأقارب، والمراد قرابة الواقف وهو عمر - رضي الله عنه -؛ لأنهم أحق بصدقة قريبهم، وهو على حذف مضاف؛ أي: وفي


(١) "الزاهر" ص (٣٦٠).
(٢) "المفهم" (٤/ ٥٩٩)، "حاشية الصنعاني على شرح العمدة" (٤/ ١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>