للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على فراشي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها" (١).

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تحت جنبه تمرة من الليل فأكلها، فلم ينم تلك الليلة، فقال بعض نسائه: يا رسول الله أرقت البارحة؟ قال: "إني وجدت تحت جنبي تمرة فأكلتها، وكان عندنا تمر من تمر الصدقة، فخشيت أن تكون منه" (٢).

وقد جمع الحافظ بينه وبين حديث الباب بالحمل على التعدد وأنه لما أكل التمرة كما في حديث عمرو بن شعيب وأقلقه ذلك صار بعد هذا إذا وجد مثلها تركه احتياطًا، أو يكون في حالة أكله إياها كان في مقام التشريع، وفي حال تركه كان في خاصة نفسه (٣).

وقال المهلب: إنما تركها تورعًا وليس بواجب؛ لأن الأصل أن كل شيء في بيت الإنسان على الإباحة حتى يقوم دليل على التحريم (٤).

* الوجه الرابع: قد يرد على الحديث سؤال وهو: لماذا ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - التمرة في الطريق؟ وأجيب عنه بجوابين:

١ - أنه يحتمل أنه أخذها، إذ ليس في الحديث ما ينفي ذلك.

٢ - أنه تركها عمدًا لينتفع بها من يجدها ممن تحل له الصدقة (٥).

* الوجه الخامس: في الحديث دليل على تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مع جلالة قدره وعلو مرتبته لا يترفع عن أن يجد قليلًا حقيرًا فيأخذه ويأكله؛ لأنه من نعم الله تعالى، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٢٤٣٢).
(٢) أخرجه أحمد (١١/ ٣٢٩ - ٤٢٠) وحسن إسناده الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٢/ ٩٩) وذكره الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٩٤) وسكت عنه.
(٣) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٩٤).
(٤) المصدر السابق.
(٥) "فتح الباري" (٥/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>