للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذا فيه إشارة إلى أنه لا حاجة إلى التقاطها؛ لاستغنائها عن الحفظ بما ركَّب الله تعالى في طباعها من القدرة على ورود الماء ورعي الشجر والامتناع من السباع المفترسة.

قوله: (حتى يلقاها ربها) أي: صاحبها الذي ضاعت منه، ولا يطلق الرب على غير الله تعالى إلا مقيدًا، فيقال: رب الدار، ورب الدابة.

قوله: (من آوى ضالة) أي: ضمها إلى ماله وخلطها معه، قال تعالى: {آوَى إِلَيهِ أَخَاهُ} [يوسف: ٦٩] أي: ضمه إلى نفسه، يقال: آواه، وأواه.

والضالة: يراد بها ضالة الإبل ونحوها مما لا يجوز التقاطه للتملك، بل إنها تلتقط حفظًا لها، فيكون معناه: من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها أبدًا ولا يتملكها، فهذا نص مطلق في التعريف يبقى على إطلاقه؛ لأنه في الضالة، وأما التعريف سنة فهو في اللقطة.

أو يراد بالضالة: اللقطة، ولا يحمل على الإبل ونحوها، مما لا يجوز التقاطه، لقوله: "ما لك ولها"؛ لأنه قال هنا: (ما لم يعرفها).

قوله: (فهو ضال) الضال: هو المخطئ المجانب للصواب؛ أي: هو مائل عن الحق آثم؛ لأنه أخذ ما لا يجوز له أخذه، فيده يد غاصب.

قوله: (ما لم يعرفها) هذا قيد يبين أنه ضال إذا أخذها ليتملكها، فإن أخذها ليعرفها فليس كذلك، لقوله في حديث زيد: "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة".

* الوجه الثالث: الحديث دليل على إباحة التقاط اللقطة وأخذ الضالة ما لم تكن إبلًا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أجاب السائل بمعرفة العفاص والوكاء، وقال في الشاة: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، ولو كان الترك أفضل لأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في ضالة الإبل.

* الوجه الرابع: الحديث دليل على أن واجد اللقطة عليه أن يعرف جميع صفاتها من الوعاء والخيط الذي ربطت به ونحو ذلك مما يحتاج إلى معرفته؛ لأجل أن يميزها عن ماله إن عاش، ويعرفها ورثته إن مات، ويعرف

<<  <  ج: ص:  >  >>