للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨] والعدول عنه تعففًا خروج عن هديهم، وميل عن الصراط المستقيم.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على أن تعاليم الشريعة قائمة على التيسير على المكلفين، وأن الانهماك في العبادة وأخذ النفس بالمشقة ليس من الدين في شيء، وليس من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" (١).

فمنهج الإسلام عدم التشدد في العبادة وتكليف النفس ما لا تطيق من الطاعات، ومن فعل ذلك غلبه الدين، وآخر الأمر العجز والانقطاع، والإنسان إذا أخذ بالقصد دام عمله، وتمكن من أداء الحقوق كلها، حَقِّ الله تعالى، وحَقِّ النفس، وحَقِّ الأهل، وحَقِّ الأصحاب، برفق وسهولة، وقد ورد في حديث عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سددوا وقاربوا، واعلموا أنه لن يُدخل أحدَكم عملُه الجنة، وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" (٢).

° الوجه الرابع: في الحديث دليل على قاعدة عظيمة مفيدة، وهي أن موافقة السنة خير من كثرة العمل، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن رغب عن سنتي فليس مني" وهؤلاء أرادوا أن يعملوا أكثر من عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرهم أن هذا مخالف للسنة، فالخير كل الخير في اتباع هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صومه وصلاته وعاداته.

ومن الأمثلة لهذه القاعدة: الإطالة في ركعتي الفجر، أو صلاة أكثر من ركعتين بعد طلوع الفجر، أو الإطالة في ركعتي الطواف، أو الجلوس عند مقام إبراهيم - عليه السلام - بعد ركعتي الطواف للدعاء، ونحو ذلك مما فيه مخالفة للسنة. والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٣٩).
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>