للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البكر بحال أمها وقريباتها؛ لأن الغالب سراية طباع الأقارب بعضهم إلى بعض.

وجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين هذين الوصفين؛ لأن الولود إذا لم تكن ودودًا لم يُرغب في الزواج بها، والودود إذا لم تكن ولودًا لم يحصل المطلوب، وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد.

قوله: (إني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) أي: مفاخر بسببكم الأنبياء يوم القيامة، لكثرة أتباعي.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على الترغيب في الزواج لما فيه من المصالح العظيمة، ومنها إيجاد النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، وحصول الذرية من البنين وأولادهم الذين هم قرة العين، قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: ٧٢].

° الوجه الرابع: الحديث دليل على النهي عن التبتل وترك الزواج للقادر عليه انقطاعًا للعبادة وانشغالًا بطلب العلم ونحو ذلك، وهذا النهي يقتضي التحريم، ولهذا قال الصحابي: (وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا) وذلك لأن الانقطاع عن الزواج مخالفة لسنن المرسلين، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨]، وفيه تعطيل لإرادة الله الكونية من عمارة هذا الكون، فإن هذا الكون لن يُعمر إلا بحفظ الجنس البشري، ولا وسيلة لذلك إلا التناسل عن طريق الزواج، ولأن ترك الزواج من أجل العبادة أو طلب العلم رهبانية مبتدعة، وقد قرن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأمر بالزواج والنهي عن الرهبانية في حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة، ولا تكونوا كرهبانية النصارى" (١).


(١) رواه البيهقي (٧/ ٧٨)، وساقه الحافظ في "فتح الباري" (٩/ ١١١) وسكت عنه، وحسنه الألباني بشواهده ["الصحيحة" (٤/ ٣٨٥)].

<<  <  ج: ص:  >  >>