للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يصح جعل تعليم القرآن صداقًا إذا كان المال متيسرًا على الزوج، فإن لم يتيسر المال صح جعله صداقًا، وهذا هو الذي يدل عليه حديث الباب، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما جعل تعليم القرآن صداقًا لهذا الرجل إلا حينما تعذر عليه المال، ولم يجد شيئًا، واختار هذا الشيخ عبد العزيز بن باز (١).

° الوجه الحادي عشر: في الحديث دليل على جواز الخطبة إذا تيقن أن الخاطب الأول قد أعرض ولم يبق له رغبة في الزواج، وليس في الحديث ما يدل على أن المرأة تقدم عليها خطبة لأحد، لكن الصحابي لو فهم أن للنبي - صلى الله عليه وسلم - رغبة فيها لم يطلبها، فكذلك من فُهم أن له رغبة في الزواج من امرأة لا يصلح لغيره أن يزاحمه حتى يُظهر عدم رغبته بها بالتصريح، أو ما في حكمه.

° الوجه الثاني عشر: في الحديث دليل على جواز تزويج المعسر، وقد بوب البخاري عليه بذلك، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل: "التمس ولو خاتمًا من حديد"، فالتمس فلم يجد شيئًا، ومع ذلك زوجه، فإذا رضيت المرأة بالمعسر زوجًا لها، فلا مانع، وهذا هو مقتضى قوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكلح الذي يريد العفاف" (٢).

وروى ابن جرير بسنده عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: (التمسوا الغنى في


(١) انظر: "الأحكام الخاصة بالقرآن" (٢/ ١٤٩٣).
(٢) أخرجه الترمذي (١٦٥٥)، والنسائي (٦/ ١٥، ٦١)، وابن ماجه (٢٥١٨)، وأحمد (١٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به مرفوعًا، وسنده حسن؛ لأن فيه محمد بن عجلان، وقد روى له البخاري تعليقًا، ومسلم في الشواهد، وهو صدوق، وفي روايته عن سعيد المقبري كلام، أظنه تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>